للشاعر : أحمد الرحال
ما الضيق إلا ضيـــق قلب مسْرِفِ
والقيـد يـؤذي كل حــــس مرهـَـف
والغيـثُ قَيْـظٌ عنــد نفس أغْرَقَـــتْ
في الحزن تشكــو من بعادٍ مُجْحِف
والدفء بــرد عنـــدمــا تجتاحهـــا
آهــاتها في محنــــة وتخـــــــــوف
أمـــا القُـــراح فمثــــل ســم نـاقــع
مـن نــاب أفعى أنشبـــت بتلهـــف
وعبيـــر أنســــام الزهـــــور كأنه
مـــا لا أطيـــق فلا يفيـــــــد تأففي
والنوم لا يحنو على غمضي الذي
أعمــاه دمــع مـن نحيـب مــؤسـف
والشــوق أضنى مهجتي فَتَسَعَّرَتْ
بــلهيبهـــا, فَــأُوَارُهــا لا ينطـــــفي
أفَمَــــن رأى بستــــانَه وجمـالَــــه
أفَمِــــن رحيــق أو جمـــال يكتـــفي
فيـــه النسيـــم إذا أتــى أزهــــارَه
أعطتـــــه مـــن أحلامها طعما خفي
وتـدللـــــت أوراقهــــا فسعى لهـا
ليداعـــب الأغصــان كالمستعطِــف
وتجـــيء ألحـــان البلابل كالشـذا
لتهــــز خصـــــــر رشيقها المُتَكَلِّف
وتراقــــــب الأشجارُ من شرفاتها
ألـــــوانَ هــــــذا المنظـــــر المُتَأَلِّف
فتميــل بـالأغصــان تعزف لحنها
ليشــف سمـــعُ حكيمهـــــا المتفلسف
وعلى الـوريـقـــات الـرذاذُ كلؤلؤ
مـــن دَفْـــــق مـــاء الجدول المتزلف
وشعــــاع شمس عشيــة ذهبيــــة
أرضى الجمــال بدفئــه المستظــرف
أفمــــن رأى هـذا الجمـال لِمَـــرّة
يرضى الركون لغيره, مَنْ مُنصِفِي
أفمــــن رآه عشيـــة هـــل يا ترى
يرضى دواء مـــن طبيـــب مسعف
لكنني عشــت الشبـــــــاب وعمره
فـأنــا إذن بســـواه لــم أتكلـــــــــــف
فلقـــــد رضعـــت مياهه من عينها
وكمثــــل طعــــم رحيقــه لم أرشف
والقـلــب كان ممتعــــــا بأصيلـــه
ويــــرى الجمال بعين صَبٍّ مسرف
والروح تعـــزف لحنها إن أشرقت
أضــواؤه بسعـــــــــــادة وتلطـــــف
بستــــان عشــــق ملهم لمعــــازفي
يغـوي القـــرائح أنْ فجودي واعزفي
النـــاي فيـــــه محــــــرك لشجوننا
وعلى ديـــــــــار معــذبي مستوقــفي
والعــــود رنتـــــه لهـــــا تفسيـرها
تسعى وراء العيـــــن أنْ فلتــــــذرفي
وتســـــــارع الدقـــات في قلبي لها
إيقــــــاعها وغنـــــــاؤها في الموقـف
وعلى فــواصل عزف فرقتنا ترى
نقــــش الكلام لشـــــاعر ومشنـــــــف
يــــا ويح بعــدي عن ديار سعادتي
يــا ويـــل قلبي مــن نـــــــــداء معنفي
يـابؤس نفسي مـــن شــراب موهن
مــــن بعــد شـــــرب معتق ومخفـــف
في غــربتي أشكـــو ذهـاب حقيقتي
في محنتــــي أشكــــــو بعــــــاد مخلفي
في لــــوعتي أرجـــو وفاء وعودها
في شــــدتي أرجـــــو بــــلادي أن تفي
في حســرتي مــن بُعـد قومي أكتوي
ومــــن التذكـــــــر خـــفية لا أكتــــفي
ومن السمـــــــاع إلى حديث مسائهم
يحلـــــو الغنــــــــاء لمنشـــــد ومؤلف
أشتــــاق أسمـــــــع ذكرهم وحديثهم
لا فــــرق بيــــــــــن محـدث ومخرف
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة