أشعارهم.
يقول المغترب اللبناني يوسف بري من قصيدة(2):
إليك الشعرَ أبْعَثُهُ كِتَابَا
فهاتِ مع البريد لِيَ الجَوَابا
وعنْ دَتْرُيْتَ لا تَسْأَل فإني
على رَغْمي أطَلْتُ بها الغِيابا!
غريبُ الدارِ لا يَرضَى سواها
ويَهْواها وإنْ كَانَتْ خَرَابا!
هنالك خيمةُ التِّينات عندي
تُعادِلُ كُلََّ ناطِحةٍ سَحاباَ
سألتُكَ كيف أنت وكيفَ أهلي
وأطلالٌ طَويتُ بها الشبابا؟
وسَهْلُ الخَانِ كيف السهلُ أمسى
وهل طَابَتْ أزاهرُه وطابَا؟
محا البينُ ما أبقتْ عيونُ المها مني
فشِبْتُ ولم أقضِ اللُّبَانةَ من سِنِّي(4)
عناءٌ، ويأسٌ، واشتياقٌ، وغربةٌ
أَلاَ، شَدَّ ما ألقاهُ في الدهرِ من غَبْنِ!
فإنْ أكُ فارقتُ الديارَ فلي بها
فؤادٌ أضلتْهُ عيونُ المها مني
بعثتُ به يومَ النوى إثرَ لحظةٍ
فأوقعه المقدارُ في شرَكِ الحُسْنِ(5)
فهل من فتىً في الدهرِ يجمعُ بينا؟
فليس كلانا عن أخيه بمستغْنِ
ولما وقفنا للوداعِ، وأسبلتْ
مدامعُنا فوق الترائبِ(6) كالمزْنِ
أهْبتُ بصبري أنْ يعودَ، فعزَّني
وناديتُ حِلمي أن يثوبَ، فلم يُغْنِ(7)
ولم تمضِ إلا خطرةٌ(
ثم أقلعتْ
بنا عن شطوطِ الحيِّ أجنحةُ السُّفْنِ
فكم مُهجةٍ من زفرة الوَجْدِ في لظىً
وكم مقلةٍ من غزرِة الدمعِ في دَجْنِ(9)
وما كنت جربتُ النوى قبل هذه
فلما دهتني كدت أقضي من الحزْنِ
ولكنني راجعت حِلْمي، وردَّني
إلى الحزم رأيٌ لا يحومُ على أَفْنِ(10)
ولولا بُنَيَّاتٌ وشِيبٌ عواطلٌ
لما قرعَتْ نَفسِي على فائتٍ سِنِّي
فيا قلبُ صبْراً إن جَزِعتَ; فربما
جَرَت سُنُحاً طيرُ الحوادث باليُمْنِ(11)
فقد تورِقُ الأغصانُ بعد ذبولها
ويبدو ضياءُ البدرِ في ظُلْمةِ الوَهْنِ(12)
وطني لو شُغِلتُ بالخلدِ عنه
نازعْتنِي إليه في الخُلْدِ نفسي